تآكل النظام العالمي- نحو نظام جديد بتوازنات متعددة الأقطاب
المؤلف: عبداللطيف الضويحي08.27.2025

إن ما نشاهده في غزة من دمار هائل، وتجويع ممنهج، وترويع مروع، يهدف إلى الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، والتهجير القسري، يحدث في ظل صمت مطبق للقانون الدولي وعجز كامل لمنظمات الأمم المتحدة. هذا الأمر يحمل دلالة واضحة، وهي أن النظام العالمي الراهن يتدهور وينهار بوتيرة متسارعة. إن الفوضى العارمة الناجمة عن الحروب الطائشة في غزة ومنطقتنا، والفوضى العالمية المتأتية من العربدة الصهيونية الاستعمارية الغاصبة لفلسطين، والمدعومة بسخاء من العواصم الغربية ذات التاريخ الاستعماري الملطخ بالدماء، تدفع بقوة، جنبًا إلى جنب مع الصراع المحتدم في أوكرانيا والحروب الاقتصادية والتجارية الشرسة، نحو اضمحلال النظام العالمي الأحادي القطب الحالي، وتمهيد الطريق لظهور نظام عالمي جديد أكثر عدالة وتوازنًا.
النظام العالمي الذي تشكل في أعقاب الحرب الباردة، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يرتكز على العولمة المتوحشة، والتجارة الدولية الحرة، وفاعلية محدودة لمنظومة الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية المثيرة للجدل مثل صندوق النقد والبنك الدولي، يواجه الآن تحديات جسامًا. فمن جهة، تتراجع الهيمنة الأمريكية بشكل ملحوظ مع الصعود الصيني الصاروخي، والمواقف الروسية الأكثر جرأة وصلابة.
إلى جانب مؤشرات عديدة على تفكك التحالفات الغربية المهترئة، وتوترات متصاعدة داخل حلف الناتو المتصدع، فضلاً عن خلافات أوروبية متزايدة مع أمريكا، بالإضافة إلى بروز أزمة الشرعية المتمثلة في عدم فاعلية الأمم المتحدة ومجلس الأمن في معالجة النزاعات الكبرى المستعرة على غرار أوكرانيا، غزة، وسورية.
لقد ساهمت الأزمات العالمية المتلاحقة، مثل جائحة كورونا المدمرة، وأزمة سلاسل الإمداد العالمية، وأزمات الغذاء المتفاقمة، والحروب المتزايدة في إضعاف بنية العولمة الهشة، التي تعتبر واحدة من الدعائم الأساسية للنظام العالمي الحالي، إضافة إلى تآكل مكانة الدولار كلبنة مالية عالمية مهيمنة، مع تزايد المحاولات الجريئة للاستغناء عنه في التجارة من قبل دول طموحة مثل الصين وروسيا ومجموعة البريكس الصاعدة.
لم يتبلور النظام العالمي الجديد بشكل كامل بعد، غير أن السيولة الشديدة التي تتسم بها العلاقات الدولية، والتصدعات العميقة التي تشهدها العديد من التحالفات التاريخية التقليدية، تشير بوضوح إلى أننا نمر بمرحلة انتقالية حرجة، يتزامن معها اضمحلال نظام وتشكّل نظام جديد مفعم بالتحديات والفرص.
من أبرز ملامح التوازنات الجديدة للنظام العالمي الجديد: تعدد الأقطاب، فلم تعد أمريكا القوة العظمى الوحيدة المهيمنة، مع صعود لافت للصين، وتحركات روسية واثقة، ونفوذ متزايد للهند، وتركيا، والبرازيل. كما أن مجموعة البريكس (BRICS) تشهد توسعًا ملحوظًا ليشمل دولًا مؤثرة (مثل السعودية، إيران، مصر، الأرجنتين)؛ بهدف بناء نظام اقتصادي بديل أكثر إنصافًا. إضافة إلى الانقسام الرقمي والجيوسياسي المتزايد، فالعالم يتجه نحو «عولمة مجزّأة»، أمريكا وأوروبا في مواجهة الصين وروسيا، على غرار ما كان سائداً خلال فترة الحرب الباردة. صعود تيارات السيادة الاقتصادية بدلاً عن الانفتاح المطلق، بجانب محاولات دؤوبة من قبل بعض الدول لكسر المركزية الغربية في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وسلاسل التوريد، والعملات الرقمية.
العالم يمر الآن بمنعطف حاسم، بمرحلة انتقالية دقيقة بين نظام عالمي يتلاشى وآخر قيد التشكل، فالنظام القديم لا يزال قائمًا وإن كان يعاني، والنظام الجديد يتشكل ببطء، وأخطر ما في هذه المرحلة أنها قابلة للاشتعال في أي لحظة، ومرشحة لنشوب حرب عالمية ثالثة مدمرة، خاصة من قبل أولئك الذين يتمسكون ببسالة بالامتيازات العسكرية أو الأمنية أو الاقتصادية أو السياسية.
ختاماً، جميع الجرائم الشنيعة التي ارتُكبت خلال حقبة هذا النظام العالمي أحادي القطب، والتي أفلت أصحابها حتى الآن من العدالة والعقاب، خاصة الجرائم والفظاعات التي ارتكبها الاستعمار الصهيوني البغيض في فلسطين، يجب أن تكون لها الأولوية القصوى عند بناء وتأسيس النظام العالمي الجديد.
لا بد من تأسيس محاكمات خاصة بالنازيين الفاشيين الصهاينة في فلسطين، وفي كل مكان، على غرار محاكمات نورمبرغ الشهيرة، لملاحقة المطلوبين حالياً من محكمة العدل الدولية والجنايات الدولية، وملاحقة كل من أسهم في احتلال أرض فلسطين أو دعم تأسيس هذا الكيان المجرم بمن في ذلك الحكومات الغربية الاستعمارية المتورطة. وهذا يتطلب من الآن الاستعداد والعمل الجاد على هذا المشروع بكل ما يتطلبه من متابعات دقيقة للنازيين الفاشيين الصهاينة المحتلين في فلسطين وخارج فلسطين، فبدون هذه الخطوة الحاسمة سوف لن يستفيد الشعب الفلسطيني المظلوم ولن تستفيد الدول العربية قيد أنملة من النظام العالمي الجديد، حتى مع حضور قوى إقليمية وعالمية جديدة مؤثرة وتتمتع بأخلاق وقيم رفيعة ومحترمة، خلافًا للنظم الاستعمارية الغربية التي عاثت في الأرض فسادًا.
النظام العالمي الذي تشكل في أعقاب الحرب الباردة، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والذي يرتكز على العولمة المتوحشة، والتجارة الدولية الحرة، وفاعلية محدودة لمنظومة الأمم المتحدة، والمؤسسات المالية الدولية المثيرة للجدل مثل صندوق النقد والبنك الدولي، يواجه الآن تحديات جسامًا. فمن جهة، تتراجع الهيمنة الأمريكية بشكل ملحوظ مع الصعود الصيني الصاروخي، والمواقف الروسية الأكثر جرأة وصلابة.
إلى جانب مؤشرات عديدة على تفكك التحالفات الغربية المهترئة، وتوترات متصاعدة داخل حلف الناتو المتصدع، فضلاً عن خلافات أوروبية متزايدة مع أمريكا، بالإضافة إلى بروز أزمة الشرعية المتمثلة في عدم فاعلية الأمم المتحدة ومجلس الأمن في معالجة النزاعات الكبرى المستعرة على غرار أوكرانيا، غزة، وسورية.
لقد ساهمت الأزمات العالمية المتلاحقة، مثل جائحة كورونا المدمرة، وأزمة سلاسل الإمداد العالمية، وأزمات الغذاء المتفاقمة، والحروب المتزايدة في إضعاف بنية العولمة الهشة، التي تعتبر واحدة من الدعائم الأساسية للنظام العالمي الحالي، إضافة إلى تآكل مكانة الدولار كلبنة مالية عالمية مهيمنة، مع تزايد المحاولات الجريئة للاستغناء عنه في التجارة من قبل دول طموحة مثل الصين وروسيا ومجموعة البريكس الصاعدة.
لم يتبلور النظام العالمي الجديد بشكل كامل بعد، غير أن السيولة الشديدة التي تتسم بها العلاقات الدولية، والتصدعات العميقة التي تشهدها العديد من التحالفات التاريخية التقليدية، تشير بوضوح إلى أننا نمر بمرحلة انتقالية حرجة، يتزامن معها اضمحلال نظام وتشكّل نظام جديد مفعم بالتحديات والفرص.
من أبرز ملامح التوازنات الجديدة للنظام العالمي الجديد: تعدد الأقطاب، فلم تعد أمريكا القوة العظمى الوحيدة المهيمنة، مع صعود لافت للصين، وتحركات روسية واثقة، ونفوذ متزايد للهند، وتركيا، والبرازيل. كما أن مجموعة البريكس (BRICS) تشهد توسعًا ملحوظًا ليشمل دولًا مؤثرة (مثل السعودية، إيران، مصر، الأرجنتين)؛ بهدف بناء نظام اقتصادي بديل أكثر إنصافًا. إضافة إلى الانقسام الرقمي والجيوسياسي المتزايد، فالعالم يتجه نحو «عولمة مجزّأة»، أمريكا وأوروبا في مواجهة الصين وروسيا، على غرار ما كان سائداً خلال فترة الحرب الباردة. صعود تيارات السيادة الاقتصادية بدلاً عن الانفتاح المطلق، بجانب محاولات دؤوبة من قبل بعض الدول لكسر المركزية الغربية في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وسلاسل التوريد، والعملات الرقمية.
العالم يمر الآن بمنعطف حاسم، بمرحلة انتقالية دقيقة بين نظام عالمي يتلاشى وآخر قيد التشكل، فالنظام القديم لا يزال قائمًا وإن كان يعاني، والنظام الجديد يتشكل ببطء، وأخطر ما في هذه المرحلة أنها قابلة للاشتعال في أي لحظة، ومرشحة لنشوب حرب عالمية ثالثة مدمرة، خاصة من قبل أولئك الذين يتمسكون ببسالة بالامتيازات العسكرية أو الأمنية أو الاقتصادية أو السياسية.
ختاماً، جميع الجرائم الشنيعة التي ارتُكبت خلال حقبة هذا النظام العالمي أحادي القطب، والتي أفلت أصحابها حتى الآن من العدالة والعقاب، خاصة الجرائم والفظاعات التي ارتكبها الاستعمار الصهيوني البغيض في فلسطين، يجب أن تكون لها الأولوية القصوى عند بناء وتأسيس النظام العالمي الجديد.
لا بد من تأسيس محاكمات خاصة بالنازيين الفاشيين الصهاينة في فلسطين، وفي كل مكان، على غرار محاكمات نورمبرغ الشهيرة، لملاحقة المطلوبين حالياً من محكمة العدل الدولية والجنايات الدولية، وملاحقة كل من أسهم في احتلال أرض فلسطين أو دعم تأسيس هذا الكيان المجرم بمن في ذلك الحكومات الغربية الاستعمارية المتورطة. وهذا يتطلب من الآن الاستعداد والعمل الجاد على هذا المشروع بكل ما يتطلبه من متابعات دقيقة للنازيين الفاشيين الصهاينة المحتلين في فلسطين وخارج فلسطين، فبدون هذه الخطوة الحاسمة سوف لن يستفيد الشعب الفلسطيني المظلوم ولن تستفيد الدول العربية قيد أنملة من النظام العالمي الجديد، حتى مع حضور قوى إقليمية وعالمية جديدة مؤثرة وتتمتع بأخلاق وقيم رفيعة ومحترمة، خلافًا للنظم الاستعمارية الغربية التي عاثت في الأرض فسادًا.